السبت، 28 أبريل 2012

الجامعة الحلم


 مما هو جدير بالذكر أن  ديننا الحنيف قد حث على طلب العلم وجعله فريضة كبقية الفرائض الأخرى التي يجب على كل مسلم ومسلمة القيام بهـا، ولاشك أن أهمية العلم للمسلم والمسلمة جعلت الإسلام يحث على طلبه لما فيه من غذاء للعقل والقلب وتنوير للبصيرة. وقد رفع الله منزلة العلماء وضح ذلك في قوله تعلى    "يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَات".
ولو نظرنا من حولنا الآن لوجدنا أن المرأة في أشد الحاجة للتعليم.. طالما تهيأت لها المراكز التي تساعدها في متابعة تعليمها ، حتى لا تصبح فريسة للجهل و عرضة  للشبهات ، لما في عالمنا اليوم من مغريات لا حصر لها.
لذلك أولت حكومة المملكة العربية السعودية اهتماماً كبيراً في تعليم الفتاة وحرصت على نشره منذ عهد المؤسس الملك عبدالعزيز يرحمه الله . ثم بدأ التعليم الرسمي للفتاة بصدور المرسوم الملكي الذي يعلن إنشاء الرئاسة العامة لتعليم البنات في عام 1379هـ - 1959م. هذا بالإضافة إلى مراكز التدريب المهني الخاص بالفتيات، ويمكن القول بأن تعليم الفتاة كان يسير في خطة تنموية مدروسة وفي تطور مستمر .وقد انعكس ذلك التطور في الإقبال الكبير على التعليم، ولم يتوقف تعليم الفتاة إلى تلك المراحل فحسب بل تعداه إلى التعليم العالي فكانت أول فرصة أتيحت للفتاة السعودية للالتحاق بالتعليم العالي في داخل المملكة العربية السعودية؛ تلك التي وفرتها جامعة الرياض (جامعة الملك سعود حالياً) التي أنشئت عام 1957م، حيث سمحت للفتاة بالانتساب للجامعة من خلال كلية الآداب ،والعلوم الإدارية. كما أتاحت جامعة الملك عبدالعزيز بجدة منذ بداية إنشائها الفرصة للفتيات للالتحاق بها في كلية الاقتصاد، والإدارة. وفي عام 1967م قامت كلية التربية بمكة المكرمة بافتتاح باب الانتساب للطالبات. وفي عام 1390هـ/ 70ـ1971م قامت الرئاسة العامة لتعليم البنات بإنشاء أول كلية خاصة بالبنات، وهي كلية التربية بالرياض. وفي العام 1974م افتتحت كلية التربية للبنات بجدة، ثم تمَّ افتتاح كلية التربية للبنات بمكة المكرمة، وتم كذلك افتتاح كلية التربية للبنات في الدمام، كما تمَّ افتتاح كليات للتربية في المدينة المنورة والقصيم وأبها، ثم تتابع افتتاح العديد من الكليات الخاصة بالطالبات التابعة للرئاسة العامة لتعليم البنات، وأيضاً تمَّ افتتاح العديد من أقسام الطالبات في العديد من جامعات البنين التابعة لوزارة التعليم العالي. كما استفادة عدد كبير من الطالبات من برامج الإبتعاث للدراسات الجامعية والعليا لمختلف دول العالم، وخصوصا أوربا وأمريكا الشمالية.
وتثبت الإحصائيات التي وضعت عن تعليم الفتاة مدى رغبة المرأة الأكيدة  وإقبالها على التعليم العالي . فقد أظهرت دراسة حديثة أجرتها وزارة التعليم العالي أن المملكة حققت تقدما غير مسبوق في نمو عدد الطلاب في مؤسسات التعليم العالي ، بالإضافة إلى زيادة أعضاء هيئة التدريس بما مجموعة 489 % على مدى العقدين الماضيين . وبرهنت الدارسة التي عرضت جانبا من المؤشرات السعودية القائمة على البيانات المصنفة وفق التعريفات الدولية المعتمدة من اليونسكو أن التعليم العالي حقق قفزات هائلة ، تمثلت في نمو هائل لأعداد الطلبة وكذلك زيادة أعضاء هيئة التدريس بمعدلات عالية . جاء ذلك خلال ورقة علمية قدمها المستشار والمشرف على الإدارة العامة للتخطيط والإحصاء بوكالة وزارة التعليم العالي للتخطيط والمعلومات الدكتور عبد المحسن العقيلي في الندوة العلمية الثانية المنعقدة بمعرض براغ الدولي للكتاب، والمقامة ضمن البرنامج العلمي للمعرض، تحت عنوان "مؤشرات التطور في التعليم العالي في المملكة العربية السعودية والتشيك" . وهذا دليل على ما يحظى به التعليم من المسئولين في المملكة العربية السعودية باهتمام كبير دل على ذلك الدعم السخي الذي تقدمه الحكومة للتعليم.
وبعد ذلك كله وتلك المسيرة الحافلة لتعليم المرأة تحقق الحلم بإنشاء جامعة نسائية خاصة بالمرأة لترضي طموحها وتحقق آمالها..وها نحن اليوم نجني ثمار الخير في عهد خادم الحرمين الملك عبدالله –حفظه الله- بافتتاح المباني الجديد لجامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن كأول مدينة جامعية للبنات في العالم. فكان ما نشهده اليوم ما هو إلا تجسيدا حيا لجانب من جوانب حكمته -حفظه الله- الذي رأى بنظرته الثاقبة ما تملكه المرأة من قدرات .
وقد كانت توجيهات خادم الحرمين الشريفين واضحة يوم أن وضع بيده الكريمة حجر الأساس لهذه الجامعة بأن تكون معلماً حضارياً راقياً يماثل ويناظر أرقى وأحدث الجامعات وأكثرها تطوراً وبما يتيح للمرأة السعودية امتلاك أدوات ومتطلبات الاعتماد الأكاديمي وفق المعايير العالمية المعتبرة وبما يمكنها من الأخذ بأسباب الجودة في خططها وبرامجها الأكاديمية.
وقد تحقق هذا كله بفضل الله ثم بفضل الدعم والتشجيع والمتابعة المستمرين من لدن خادم الحرمين الشريفين لكافة مراحل العمل فيها، وحرصه حفظه الله على أن ينتهي العمل فيها في موعده المحدد، دون تأخير أو إبطاء. وقد كانت لهذه المكرمة الملكية الأثر الواضح والجلي في رفع مستوى أداء كليات الجامعة، وتطويرها هيكلياً وأكاديمياً وإدارياً، ولازال التطوير مستمرا بجهود منسوباتها لتكون جامعتنا منهلا عالميا من مناهل العلم، بسمعة تعانق السماء،وطموح يتعدى الأحلام، ونتطلع أن تصبح هذه الجامعة النموذج التي ترتقي بمستوياتها الأكاديمية ممثلة في خططها، وبرامجها، وممثلة فيما زودت به من أحدث منتجات تقنيات التعليم العالي وأكثرها تطوراً. وهي بهذا تصبح قادرة بإذن الله للاستجابة لطموحات ورؤية خادم الحرمين الشريفين الإستراتيجية، لرسالة وأهداف الجامعات ومؤسسات التعليم العالي، من حيث توجيهها للأخذ بأسباب التقدم المعرفي، والارتقاء والتطور نحو المعايير العلمية المعتبرة عالمياً للاعتماد الأكاديمي للتعليم العالي.
خاطرة:بهذه المناسبة نهنئ جامعة الإمام  على حصولها على الاعتراف الأكاديمي الدولي من جامعة بنسلفانيا فيلادلفيا الأمريكية في مجال البرامج  البحثية ودراسة الطب والزمالة، حيث انفردت جامعة الإمام بهذا الاعتراف على مستوى الشرق الأوسط ، والعقبى لجامعة الأميرة نورة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق