السبت، 28 أبريل 2012

اللهمَّ خر لي واختر لي


قيل أن  امرأة جاءت إلى النبي داود وقالت له:
 يا نبي الله00 ربك عادل أم ظالم ؟!
قال داود:
 ويحك ما تقولين ؟! هو العدل الذي لا يظلم !
قالت المرأة:
 أنا امرأة مات زوجي00 ولي ثلاث بنات أُنْفِق عليهن من غزل يدي00 فلما كان الأمس، حملت ما صنعت من غزل في قطعة من القماش، وأردت الذهاب إلى السوق لأبيعه، وأشترى بثمنه طعام لأطفالي00 وبينما أنا في طريقي إذا بطائر ينقض علىَّ، فأخذ قطعة القماش وبداخلها الغزل وذهب00
وجلست حزينة ليس عندي ما أطعم به أطفالي00
وبينما المرأة في حديثها مع داود إذا بالباب يطرق، فأذن داود بالدخول، وإذا بعشرة من التجار في يد كل واحد منهم مائه دينار، وقالوا:
 يا نبي الله أعطى هذه الأموال لمستحقها00
قال داود:
 ما سبب حملكم لهذا المال ؟!
قالوا:
 يا نبي الله00 كنا في مركب لنا00 وقامت عاصفة هوجاء، وارتفع الموج عاليا، وأصيب المركب حتى كدنا نغرق00
ونذر كل واحد منا إن نجونا أن يتصدق بمائة دينار، وبينما نحن كذلك إذا بطائر قد ألقى علينا قطعة من القماش بها غزل، فسددنا بها عيب المركب ونجونا، وهذا المال بين يديك فتصدق به على من يستحقه00
والتفت داود إلى المرأة، وأعطاها الألف دينار ثم قال لها:
 رب يتجر لك في البر والبحر، ثم تدعينه ظالما00
اللهم اختر لي ولا تخيرني
وكم تشدني هذه العبارة منذ عرفت الدنيا وتقلباتها –
الخيرة فيما اختارها الله
-ما أجملها بما تحوي في طياتها من إيمان بالقضاء والقدر فالإنسان ميسر وليس مخير-
  البعض إذا قيل له الخيرة فيما اختاره الله قال غاضبا كيف خيره وأنا مريض
 كيف خيره وأنا خاسر مالي
 كيف خيره وأنا عاقر
كيف خيره وأنا فقدت زوجا
 كيف خيره وأنا فقدت احد أبنائي...
 هناك ( قلوب ) تعاني ولكنها تصمت
تقابل من حياتها أنواع شتى العذاب
ولكنها لا تتكلم !
تنجرح : وتقاوم ...تنكسر : وتحاول ...
ويشكرون الله دائماً على كل ما أعطاهم ويفرحون باعتدال ويحزنون على ما فاتهم بصبر وتجمل . وهؤلاء هم السعداء فإن السعيد هو الشخص القادر على تطبيق مفهوم (الرضي بالقضاء والقدر) فيتقبل الأقدار بمرونة وإيمان... ولا يفرح الإنسان لمجرد أن حظه سعيدا فقد تكون السعادة أحيانا طريقًا للشقاء .
الخيرة فيما أختاره الله كثيراً مانسمع ونردد هذه الكلمات عندما نجد أنفسنا في مواقف يصعب علينا تحقيقها نحفظها ونسمعها ونرددها ونفهما ولكن هل نرضى بما اختاره الله لنا؟
أقف كثيراً عند هذا السؤال !!النفس البشرية بطبيعتها تريد ما تظن أن في تحقيقه سعادة لها في هذه الدنيا! تريد ما تتمنى!تطمح وتأخذ بالأسباب لتحقيق ذلك , وتسلك طُرقاً وأساليب مختلفة!وهذا شيء غريزي وجميل أن نسعى لتحقيقه
ولكن حينما يعجز الإنسان عن تحقيق ما يريد
حينما يكون ذلك الأمر الذي يريده ويعتقد أن فيه سعادته مستحيل التحقق
وسعى وسعى وبذل جهده ولم يتحقق !فمااااااااااذا نفعل إذا لم نحقق ما نريد ؟
فصنفان من البشر في موقف واحد...موقف لا تدري مالحكمة منه , ولماذا حصل لك عكس ما تريد
حكمة لا يعلمها إلا علام الغيوب
هناك من يحزن ويتضايق ...ولكن هناك نور يشع من قلبه... يجعله يشعر بالارتياح ...ويحمد الله ويشكره على ما قدر
إنه نور اليقين والرضا بالقدر خيرة وشره وعلمه أن مااصابة لم يكن ليخطئه وماأخطأة لم يكن ليصيبه ،وهذا النوع يعيش حياة سعيدة هانئة ويحتسب الأجر  جزاء صبره وشكره ..
وهناك من يتضجر ويسخط , ويقارن بينه وبين غيرة ممن انعم الله عليهم،فلا هو صبر وسلم , واسخط ربه بعدم رضاه بما قسمه الله له
ولكن الإنسان (خُلِقَ عجولاً(طبعة الطمع والحرص على الدنيا
لو تأملت هذا الأمر لعرفت أن فيه حكمة بالغة
فقد يحصل لك ما تريد أنت وتتمنى فيكون شر لك, ووبال عليك, وشقاء .لذلك نقف طويلا ونتأمل ....
نجد أن الخيرة فيما اختاره الله لنا
ربي أنت أعلم منا بحالنا ,
وألطف رحمة لتشملنا ..
فلا تحرمنا من لذة الفرحة
ولا تحرمنا من رحمتك
وأنت أرحم الراحمين
اللهم اختر لي ولا تخيرني فأنت أعلم بما هو خير لي...
لفته:
إلى صديقتي التي فقدت أبناءها فلذة كبدها أقول لها من خلال  هذه المقالة
الخيرة فيما أختاره الله يا أم عبدالله
والجنة مآل الصابرين.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق