الثلاثاء، 17 أبريل 2012

المرأة المعاقة والتعليم العالي

شهد المجتمع تطورا واسعا في جميع المجالات وشمل هذا التطور وهذا الحراك التقدمي المرأة  التي أصبحت الآن تشكل عنصرا هاما من المجتمع فكانت العناية بها شاملة كافة حقوقها .

لكن اليوم سأتناول الفتاة المعاقة، وليست التي تعاني من تهميش وعزل -لأنها موضوع أخر يحتاج إلى طرح أخر-  بل ذوات الإعاقة اللواتي أصبحت مراكز التأهيل ومراكز البرامج النسائية تهتم بها، وتحاول تحسين وضعها في عدة مجالات سواء على مستوى المعيشة أو التعليم، ومن خلال تحقيق استقلاليتها، وإتاحة الفرصة لها للمشاركة في الأنشطة المجتمعية، فكانت فكرة الدمج والتي خرجت للمجتمع  من خلال محاولة  التمكين الشخصي للمرأة المعاقة من أجل مصلحة المجتمع أولا ومصلحتها ثانيا.

لكن السؤال هل عملية دمج المعاقين في التعليم وأتحدث الآن عن التعليم العالي مع الأسوياء قد أدى النتائج المرجوة للطرفين؟

فمن خلال تجربتي في الجامعة أحاول أن أجيب بنفسي على هذا السؤال وأقول لا ...

فبينما كنت مسترسلة في إلقاء إحدى محاضراتي  كنت أشاهد طالبة تجلس في الصفوف الأولى مبتسمة هادئة منجذبة إلى المادة  وبعد طرحي الموضوع للنقاش بين الطالبات أحببت أن تشارك معي تلك الطالبة -على ثقة أنها كانت مستمعة جيدة- (هكذا بدا لي... )ولكن المفاجئة أنها كانت معي بالجسم فقط حيث أعدت لها السؤال أكثر من مرة دون جدوى، فأجابت عنها صديقتها بأنها لا تسمع ولا تستطيع التحدث ... فاحترت في كيفية التفاعل والتواصل معها، لأنني اكتشفت أن لغة الحوار بيننا كانت مقطوعة ... فكيف يتم دمج طالبات ذوات الإعاقة -وتعتبر بسيطة في التعليم العالي- دون إعداد مسبق للطرفين وكيف ستكون المخرجات ؟وهل عضو هيئة التدريس مؤهل للتعامل معهن ،وهل الطالبة المعاقة قادرة على التواصل مع نظيراتها في هذا المستوى؟ وأتساءل هنا إلى أي درجَة ممكنّ مشاركَة الطلبات ذوات الحاجات التعليمية للطالبة العادية في الأنشطَة التعليمية التي يستطعن تأديتها بنجاح؟ وهل عن طريق دمجهن يستطعن اكتساب المهارات والكفايات الاجتماعية اللازمة أيضًا؟ . كلها أسئلة تحتاج إلى إجابات من أهل التخصص .

لكنن من وجهة نظري الشخصية أرى أنها بحاجة إلى عناية خاصة من حيث  حالتها الصحية، وتوفير أفضل أساليب تأهيلها ،من إجراء التكييف المناسب لها في المناهج، والبناء والمرافق الجامعية، وتشكيل لجان الأصدقاء، ورفع كفاءة الأعضاء  حول خصائص المعاقين وأساليب تدريسهم، وذلك لإتاحة فرصة إكمال التعليم من خلال تزويد الطالبة المعاقة بالأجهزة التعويضية، من كراسي متحركة وسماعات وأجهزة الكمبيوتر الناطق، والأجهزة الأخرى حسب خصائص الإعاقة ، ومساعدتها بالوسائل اللازمة لفهم العملية التعليمية . ونحتاج إلى التخطيط الواعي الذي يهيئ الفرص المناسبة للتفاعل بين فئات الطلبة (الأسوياء والمعاقين)والتوعية الإعلامية المكثفة على مستوى المجتمع، و إعطاء دورات عن التربية الخاصة للعاملين في المؤسسات التعليمية للتعرف على هذه الفئة المدمجة وكيفية التعامل منهم ، وقبل ذلك كله يحتاجون إلى لإحساس بهم و تقبلهم في الأسرة والمجتمع، ومن أجل نجاح ذلك لابد من تعليمها الاستقلالية أولا والاعتماد على الذات في أغلب أمورها ،ومن ثم محاولة دمجها تدريجياً.

كل ذلك ممكن أن يتحقق للطالب المعاق إذا توفرت له في بيئته التعليمية كافة الإجراءات المناسبة له  والأجواء التعليمية، التي توصله إلى المعرفة دون مشقة، خاصة أننا الآن في عصر الكمبيوتر والتكنولوجيا ،وتقدمت ولله الحمد جامعاتنا وأصبحت تتعامل بالتقنية الحديثة، نحتاج فقط إلى أن نتواصل مع أبنائنا بجميع فيئاتهم عن طريقها ،وتفعيلها في سبيل إيصالهم إلى الهدف الأسمى من وجودهم في مثل هذه المؤسسات التعليمية الكبرى
وأخيرا إن الشخص المعاق حاليا هو الذي يواجه مجتمعا معاقا، بمعنى أن المجتمع الذي لا يتضمن التعديلات البيئية أو الحقوقية أو الاتجاهات الايجابية نحو المعاقين، هذا المجتمع هو الذي يجعل من الشخص معاقا، وخلاف ذلك يكون بمقدور الشخص ذوي الإعاقة تحدي أعاقته خاصة إذا تقبل إعاقته واعترف بها فيكون بذلك قد تجاوز الخطوة الأولى لتطوير ذاته ومن ثم يبدأ في السعي من أجل  إثبات وجودة  في مجالات التعليم أو العمل .


                                                                                  خاطرة

يلوم الناس ظروفهم على ما هم فيه من حال.. ولكني لا أؤمن بالظروف فالناجحون في هذه الدنيا أناس بحثوا عن الظروف التي يريدونها فإذا لم يجدوها وضعوها بأنفسهم. (برنارد شو)
- يجب أن تثق بنفسك .. وإذا لم تثق بنفسك فمن ذا الذي سيثق بك

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق